ليس بمستغرب أن تقوم جماعة الحوثي بملشنة الدولة ومؤسساتها وممارسة السلطه بغير ادوات القانون، لأنها بطبيعتها البنيوية وانساقها المعرفية وحواضنها المجتمعية جماعة مليشاوية تعتمد السلاح وصيغة الخطاب الديني التعبوي غير المقونن في التمدد والسيطرة.
لكن مايبعث على القلق أكثر ويحتم علينا التنبه واليقظة، هو أن تقوم السلطة الشرعية السياسية ممثلة بهادي ذاتها بملشنة الدولة وممارسة السلطة عبر ادوات وجماعات دينية لا تندرج ضمن الهياكل المؤسسية المقوننة للدولة و نظامها الامني والعسكري.
الحوثي في صنعاء ومناطق تواجده يعتمد الاسلوب الاعتباطي لفرض سلطته على الواقع بينما ترزح السلطة الشرعية في عدن لممارسة دور بالغ الخطورة يندرج ضمن خطة مدروسة و ممنهجة من قبل الرياض تستهدف تفتيت كيان الدولة و تمزيق الجوامع الوطنية لليمنيين و اعادة صوغ مجتمعهم بهويات جهوية عصبويه طائفيه اقتتالية.
لذلك فإن اعتماد سلطة هادي على أدوات ومكونات غير ممؤسسة في ادارة الوضع في الجنوب ليس امرا أو معطى اضطراري، و إنما عمل ممنهج ضمن مشروع حقير، و من أن تصبح المخاطر التي تؤديها الشرعية أكثر بكثير من مخاطر الحوثي.
الحديث عن سلطة سياسية شرعية في اليمن اصبح أمرا مثير للضحك والتقزز معا .. لأن ما تعبر عنه تلك السلطة في واقع ممارساتها ليس أكثر من شرعنة انفاذ مخطط استهداف اليمن، دولة ومجتمع وتاريخ لصالح اطراف خارجية. فكل ماتقوم به هذه السلطة المنحطة لا يعدو اكثر من اختزال معطيات استهداف اليمن واعادة تدوير تلك المعطيات و الأدوات في قوالب و صيغ مقوننة صوريا في قرارات جمهورية بين الحينة والاخر، بينما تعتمد هذه السلطة لإنقاذ قراراتها على مسمى فصائل المقاومة المتناقضة. بل إن تلك القرارات تعمل بطريقة حقيرة عبر أدوات السياسيه وشراء الذمم والمواقف والتورط إلى جر الحواضن المجتمعية التي تختزل انساقها تراكمات وطنيه في تاريخ اليمن السياسي إلى مربع الاقتتال ضمن اللامشروع الوطني واستنزاف رمزية تلك الحواضن السياسية وتجريف جوامعها المؤثثة بنظالات اليمنيين. و اكثر تجسيدا لذلك هو ماحدث في تعز و ما سيحدث مع الضالع و ردفان ابتداءا منذ تعيين عيدروس و شلال في مناصب عليا في عدن دون تمكينهم من استخدام أدوات الدولة و دعم الأدوات المليشاوية لمقاوماتية لبسط سلطتها على عدن والجنوب.
هذه هي الخطوة الأولى لجر الضالع وردفان بما لهما من رمزية سياسية ونضالية في ذاكرة الجنوب و اليمن عموما إلى مربع التورط والاقتتال والتجريف والاستنزاف.
و ستتضح الأمور اكثر في قوادم الأيام حتى تتحول ذاكرة التحرير في ردفان والضالع إلى حاضن مجتمعي للسلفية و المكونات الارهابية، تنفيذا لإلغاء رمزية هذه المنطقه التي تشكل جامع وطنيا لذاكرة اليمنيين السياسية.